يواجه الفرد في حياته الكثير من المواقف التي يكون نجاحه فيها مرهونًا
بقدرته على التفاوض، عن طريق كسب العدد الأكبر من النقاط في صالحه، لذلك لم
تعد المعرفة بإستراتيجيات التفاوض مقتصرة على الساسة ورجال الأعمال
ويقول المؤلف جورج فولر في كتابه «دليل المفاوض» إنَّ الإعداد الجيد هو
نقطة البدء، أما نقطة الوصول، فهي تحقيق أهدافك من التفاوض، ولكن الأدوات
اللازمة لبلوغ نقطة الوصول تتكون من الإستراتيجيات التي توظف على مائدة
المُفاوضات، وبينما يمكن للإستراتيجية الخطأ أن تعوق تقدمك، يُمكن أن يزيد
استخدام التكتيكات الصحيحة من سرعة الوصول إلى نتيجة ناجحة
والمفاوض الماهر يوظف جميع إستراتيجيات التفاوض المتاحة له ويستفيد منها في تحقيق أهدافه، وتنقسم هذه الإستراتيجيات إلى
إستراتيجيات «متى؟» ومن أهمها
إستراتيجية التسويف أو الصمت المؤقت
تذكر عندما تستخدم هذا الأسلوب أنه «بالصمت تبلغ ما تريد»، فعندما تمتنع عن الرد الفوري، أو تنتظر وتؤجل الإجابة عن سؤال معين بتغيير مجرى الحديث، أو الرد بسؤال مضاد فإنك بذلك تستفيد من الوقت لتقرر ما يجب أن تفعله
إن هذه الإستراتيجية الهدف منها هو إعطاء نفسك أو فريقك فرصة التفكير ودراسة مغزى السؤال وأهدافه، ولكن من المهم أن تعرف متى تتوقف عن الكلام، ومتى يجب أن تسمع ولا تتكلم إلا إذا اضطررت لذلك، فالمفاوض الذي يبادر بالاستجابة إلى طلبات خصمه وتقديم التنازلات لن يستطيع إيقاف الطلبات المتزايدة منه
إستراتيجية المفاجأة
تعمل هذه الإستراتيجية على التغيير المفاجئ في الأسلوب أو طريقة الحديث أو التفاوض، على الرغم من أن التغيير لم يكن مطلوبًا أو متوقعًا في ذلك الوقت، وعادةً يكون نتيجة ذلك الحصول على تنازلات من الخصم، أو تحقيق هدفٍ ما
إستراتيجية الأمر الواقع
شعار هذه الإستراتيجية «الآن يتوقَّف الأمر على الطرف الآخر»، حيث تقوم فكرتها الأساسية على جعل الطرف الآخر يقبل تصرفك بوضعه أمام الأمر الواقع، كما في حالة أن يتزوج فتى وفتاة من أسرتين غير متكافئتين ويفاجئان الأسرتين بالأمر بالواقع، ولكن نجاح تنفيذ الإستراتيجية يتطلب عدة شروط أهمها
أ. أن يكون احتمال قبول الطرف المعارض للنتيجة في النهاية احتمالًا كبيرًا
ب. أن تكون خسارة الطرف المعارض من استمرار معارضته أكبر ماديًّا ومعنويًّا من الخسارة التي تحدث من نتيجة عدم تقبله الأمر الواقع
إستراتيجية الانسحاب الهادئ
تنبني هذه الإستراتيجية على استعداد المفاوض لأن ينسحب ويتنازل عن رأيه للطرف الآخر، بعد أن يكون قد حصل على بعض المميزات، فهو هنا يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ويحل المشكلة عن طريق كلمة اعتذار عما فات مبديًا استعداده لموافقة الطرف الآخر فيما يذهب إليه
إستراتيجية الكر والفر
تُوظف هذه الإستراتيجية في حالة التصارع الحاد، وتقوم فكرتها على إعطاء خصمك انطباعًا خاطئًا عما تفعله أنت حقيقة، ومن الأساليب الشائعة في تنفيذها: أن يتعمد المفاوض تسريب بعض البيانات الخاطئة عن موقفه ليخدع الخصم، وذلك من خلال خطأ متعمد يرتكبه المفاوض، أو أوراق يلقي بها في سلة المهملات على أنها مسودات لتحركاته
إستراتيجيات «كيف؟ وأين؟» ومن أبرزها
إستراتيجية المساهمة
من الأمثلة الشائعة على هذه الإستراتيجية عندما يقدم أحد أطراف التفاوض تنازلًا لخصمه الذي يرى فيه فرصة لإدخاله سوقًا جديدة، أو لفتح مجال عمل أمامه يمكن أن يستفيد منه، فمن وجهة نظر المفاوض فإن هذا الخصم سيكون أحد المساهمين الذي سيساهمون في عملية انتشاره
وأحيانًا يعني الاعتماد على هذه الإستراتيجية في المفاوضة منع المفاوض لمنافسه من الاستمرار في العمل، فيتقدم للمفاوضات واضعًا في اعتباره المصلحة البعيدة التي يمكن أن يجنيها من الحصول على الصفقة وليس فائدتها المباشرة
إستراتيجية مفترق الطرق
يعمل المفاوض بهذه الإستراتيجية عندما يتبع أسلوب التنازل في بعض
القضايا ليحصل على أقصى ما يمكن الحصول عليه من
تنازلات في القضايا
الكبيرة، مدعيًا أنه ما دام تماشى معهم، فيجب أن يقابلوه في منتصف الطريق
ومن المهم لنجاح هذا الأسلوب أن يكون المفاوض منتبهًا لعنصر التوقيت
ويستخدمه بشكلٍ مناسب، وإلا سيتعود الخصم على هذا الأسلوب منه ويطالبه
بالمزيد من التنازلات